بناء التعاون بين القطاعات الوطنية والمحلية: لماذا أصبح الحوار أساسي في منع ومواجهة التطرف العنيف

أعلاه: شملت ورشة التعاون الوطني والمحلي التي نظمها المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ممثلين من المستوى عبر الوطني، والمستوى الوطني، والمستويات متعددة الأطراف ومنظمات المجتمع المدني، وقد تم تصميمها لتشجيع الحوار الصادق وتبادل الأفكار بين العديد من المستويات.

الكاتب: جو داوني

شريك، شبكة المدن القوية

مفهوم التعاون بين السلطات الوطنية والمحلية في منع ومواجهة التطرف العنيف هو مفهوم بسيط، بالرغم من كون فوائده متعددة ومثمرة – من تحسين تبادل المعلومات والمسؤولية المشتركة، وتضافر الجهود وتقليل الازدواجية.

ولكن في الواقع، غالبًا ما يكون هناك فراغ بين القطاعات الوطنية والمحلية، مما يعيق عملية وضع السياسات وممارسات منع ومواجهة التطرف العنيف الجيدة. في هذا المقال، نوضح أسباب هذه الفجوة، ولماذا يتحتم علينا سدها، ونوجز بعض الخطوات الأساسية نحو تحسين التعاون الوطني والمحلي.

الخلفية

قبل بضع سنوات، برز مفهوم النهج العالمي “المجتمع كله” تجاه منع ومواجهة التطرف العنيف كخطوة تالية ضرورية في بناء برامج واستراتيجيات فعالة. وقد كان هناك اعتراف واسع النطاق بأنه نظرًا لأن التطرف يؤثر على جميع جوانب مجتمعاتنا، من الحكم الوطني إلى المجتمعات المحلية والأفراد، لذا يجب أن يكون الحل كليًا أيضًا. وبالفعل، تم إحراز تقدم مهم منذ ذلك الحين على هذه المستويات المختلفة، في الحكومة والمجتمع المدني، ونطاق الأبحاث والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، وعلى المستويات الدولية والوطنية والمحلية.

ومع ذلك، فإن هذا التقدم لم يكن شاملاً أو ثابتًا، كما أن التحدي المتمثل في تحقيق التعاون بين هذه القطاعات لم يتحقق بالشكل المرجو. إن العوائق التي تحول دون التعاون ليست بسيطة على الإطلاق، وقد يكون أكبرها هو أيضًا أبسطها: وهو عدم وجود توافق في الآراء بين المجموعات ذات الهدف المشترك. فقبل الحادي عشر من سبتمبر، كانت جهود الوقاية تقع بشكل حصري تقريباً ضمن مجال جماعات المجتمع المدني والأكاديميين، بينما كانت الحكومات الوطنية تتصدر مجال تشريعات مكافحة الإرهاب مع التركيز على الأمن والنتائج السريعة والفعالة.

الحكومات المحلية وأصحاب المصلحة المدنيون هم الأقرب، ويمتلكون فهمًا أفضل، لاحتياجات مجتمعاتهم المحلية الخاصة ولكنهم غائبون في كثير من الأحيان عن عملية صنع القرار على المستوى الوطني. ونظرًا لأن المجتمعات المحلية تعاني من عواقب التطرف، فغالبًا ما تستجيب المدن والحكومات المحلية بأساليب ونهج تم وضعها بمعزل عن الاستراتيجيات الوطنية لمنع ومواجهة التطرف العنيف. وبدون مشاركة المفردات الأساسية والأهداف، ومنهجيات الرصد، والتنظيم وهياكل الإبلاغ، فإن هذا الأسلوب يخاطر بكونه متعارض مع تدفق السياسة الوطنية الحالية وإعاقة جهود الوقاية الفعالة والمنسقة. ولا يعني ذلك فقط أن النهج المحلية يمكن أن تتخلى عن الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية ولا تدعمها، بل الأهم من ذلك أنه يعني أن الحكومات الوطنية والمحلية قد فشلت في تطوير الثقة المتبادلة الضرورية للتنسيق الفعال للوقاية.

أهمية الحوار

تمتلك الحكومات المحلية ومجموعات المجتمع المدني المحلية مزايا في مجال منع ومواجهة التطرف العنيف والتي تكمل تلك الجهود الخاصة بالحكومة الوطنية لضمان اتباع نهج شامل. على سبيل المثال، لديهم المعرفة اللازمة لسياق فهم المظالم التي كثيراً ما تكون محلية بشكل كبير والتي تساهم في عمليات التطرف. وكذلك يمكنهم بناء الثقة بشكل استباقي بين المجتمعات المحلية والشرطة المحلية، لإشراك الأسر وقادة المجتمع، والأخصائيين الاجتماعيين، والعاملين في مجال الصحة العقلية في جهود الوقاية، ولتزويد الشباب الذي يشعر بالإقصاء ببدائل إيجابية. كما أنها أساسية لتحديد ومعالجة قضايا التوتر بين المجتمعات المحلية والكراهية والاستقطاب.

ومع ذلك، تفتقر العديد من الحكومات المحلية إلى قنوات الاتصال والأدوات والموارد اللازمة لرفع هذه المخاوف، والتي يمكن أن يساعد المستوى الوطني على تحقيقها. يجب اتخاذ خطوات لإدماج الحكومات المحلية، وكذلك المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، كشركاء أساسيين ومتعاونين في مؤسسات منع ومواجهة التطرف العنيف.

مؤخرًا، قدمت شبكة المدن القوية، بالشراكة مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ومشروع الوقاية، ورشة عمل تهدف إلى تحديد الحواجز أمام التعاون الوطني والمحلي.  وعلى مدار يومين، ناقش أكثر من 60 مشاركًا من المستويات المتعددة الأطراف، والوطنية والمحلية، والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية التي تمثل 19 دولة وسبع سلطات محلية و 14 منظمة القضايا وتوصلوا إلى عدة خطوات لتحسين التعاون، بعضها مبين أدناه. وسيتم تجميع القائمة الكاملة للتوصيات وتقديمها كوثيقة للممارسات الجيدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2020.

1. الإدراج والإنخراط

يجب توفر الإرادة والقدرات السياسية اللازمة لتطوير، وتنفيذ، ورصد وتقييم استراتيجية أو خطة عمل. فبدون إدراج المجتمع المدني والجهات الفاعلة المحلية الأخرى، فإن هذه الاستراتيجيات قد تخلق توترات أو تصبح غير ضرورية. إن ضمان الانخراط والدعم الضروريين من المستويات المناسبة – من المجتمعات المحلية إلى المجتمع المدني إلى هيئات إنفاذ القانون، وممارسي الخطوط الأمامية، إلى البلديات والسلطات المحلية الأخرى، هي مسألة في غاية الأهمية.


2. أن نكون واقعيين

الإستراتيجية أو خطط العمل ليسوا حلولاً سحرية. فهم لا يمكنهم أن يعالجوا كل مشكلة تواجه المجتمع المعين أو أن يكونوا غير خاضعين للدقيق. من المهم أن نكون واقعيين بشأن ما يمكن تحقيقه من خلال الأموال والموارد الأخرى، وكذلك القدرات المتاحة. يجب أن تكون هذه الأطر وثائق حية: يتم مراجعتها بشكل دوري وتكييفها وفقًا للتهديدات والاحتياجات المتطورة والوسائل المتاحة. من الأفضل التصرف بدلاً من رد الفعل أو التخطيط إلى ما لا نهاية، وفي النهاية، لن تكون الخطة مثالية.

3. التحليل والتقييم

خذ وقتك كي تتمكن من فهم المستويات الحالية للتطرف العنيف من خلال تقييم الدوافع والمحركات الرئيسية لاتجاهات التجنيد؛ ورؤى الجمهور على المستوى الوطني والمحلي، ولبناء صورة واضحة للجهود الحالية لتجنب الازدواجية. من الضروري أن نقوم بتحليل فعالية الاستراتيجيات وكيف يمكن تحسينها، وكذلك ما تفعله البلدان الأخرى في مجال منع ومواجهة التطرف العنيف حتى نستوعب الممارسات الجيدة دولياً. يمكن أن تساعد كل هذه البيانات في الإبلاغ عن أي إجراء تالٍ وتحديد أولوياته وتبسيطه.

4. التمويل والموارد الأخرى

التمويل المستدام ضروري ويجب أن تخصص الميزانيات الحكومية التمويل لدعم تنفيذ الاستراتيجية أو خطة العمل الوطنية. يمكن أن تشمل مصادر التمويل المحتملة الأخرى القطاع الخاص والجهات المانحة الدولية. إلى جانب التمويل، ينبغي للحكومة الوطنية أن تتطلع إلى ضمان توفير الموارد اللازمة، مثل التدريب وبناء القدرات، والإرشادات، والأدوات والبحوث، لجميع الممارسين المعنيين.


5. التنسيق والتعاون

يعد التشاور مع مختلف أصحاب المصلحة (على الصعيدين الوطني والمحلي والحكومي وغير الحكومي والأمني وغير الأمني) وتيسير التنسيق فيما بينهم ضروريًا لتصميم استراتيجيات منع ومواجهة التطرف العنيف وتنفيذها على نحو فعال. ويمكن القيام بذلك من خلال التجمعات غير الرسمية مثل تمارين بناء العلاقات وورش العمل. من بين أشياء أخرى، يمكن أن يساعد ذلك في بناء الثقة وتعزيز التعاون، وتشجيع تبادل الموارد والمعرفة والبحث والخبرة بين الممارسين من مختلف القطاعات، مما يمكن بدوره أن يقلل المنافسة ويقلل من الإنعزال الفردي.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *