
المؤلف: روبينا أبو زينب، المنسق الوطني لمنع التطرف العنيف، ميريت جول، سعادة سفيرة الدنمارك في لبنان، خديجة ناصر، المديرة الإقليمية الأول لشبكة المدن القوية.
في الأسبوع الماضي، عقد في لبنان التكرار الثالث لورشة العمل التشاورية الوطنية حول منع التطرف العنيف مع التركيز بشكل خاص على التنمية الحضرية والريفية وإشراك المجتمعات المحلية. وقد تعاون ممثلو الكيانات الحكومية والبلديات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والجامعات والمنظمات الدولية على مدار يومين لتطوير أفكار ملموسة لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف في لبنان. ويمثل موضوع الورشة أحد المجالات ذات الاهتمام المشترك والشراكة بين لبنان والدنمارك وشبكة المدن القوية. وقد عمل لبنان على نطاق واسع خلال العامين الماضيين على تثبيت البنية التحتية البشرية والمؤسسية اللازمة لبناء إجماع وطني حول منع ومواجهة التطرف العنيف.
ويعرف لبنان بأنه قام بأول محاولة معروفة في الشرق الأوسط لإنشاء نموذج مملوك محليًا لتنسيق الجهود المحلية المدفوعة بالتنمية لمنع التطرف العنيف كنموذج لبناني. ومن خلال شراكة ثلاثية الأطراف بين لبنان والدنمارك وشبكة المدن القوية – شبكة عالمية من المدن تجتمع لتبادل أفضل الممارسات وتشجيع الحلول المحلية لمنع التطرف العنيف- يقوم لبنان بتطوير المنصات اللازمة لتوطين استراتيجيته الوطنية لمواجهة التطرف العنيف.
هذا النهج الاستراتيجي والشامل لمنع التطرف العنيف جعل لبنان رائداً إقليمياً وعالمياً. كما أنه رائد في ربط صياغة السياسات الوطنية والتنفيذ على المستوى المحلي الذي يعزز بشكل متبادل فهم الاحتياجات المحلية والأولويات على مستوى الدولة.
الوقاية المبكرة هي الطريقة الأكثر فاعلية على المدى الطويل للحد من التهديدات الناجمة عن التطرف العنيف، إلى جانب الاستجابات الأمنية الفعالة لمواجهتها عندما تحدث. في هذا الصدد، يعد أصحاب المصلحة المحليون من بين الجهات الفاعلة الرئيسية في تنفيذ أي سياسة وطنية لمنع التطرف العنيف لأنهم يتفاعلون مع أولئك المعرضين لخطر الانجذاب إلى استراتيجيات تجنيد المتطرفين العنيفين.
وتشمل هذه الجهات الفاعلة المحلية، ضمن جملة أمور، موظفو البلدية والمدرسون وقادة الكشافة وقادة الأديان والمجتمع المحلي، والعمال الشباب، والمهنيون النفسيون الاجتماعيون ومنظمات المجتمع المدني.
نحن فخورون بالعلاقة الخاصة بين لبنان والدنمارك والتي نشأت عن التعاون الوثيق بين الحكومتين في ملف منع ومواجهة التطرف العنيف وعضوية شبكة المدن القوية. وبناءً على الإلهام من النهج الدنماركي للوقاية المبكرة، تم إنشاء شبكات وقاية مجتمعية بقيادة البلديات من قبل أعضاء لبنانيين في شبكة المدن القوية.
وهؤلاء هم المسؤولون عن تنسيق جهود الوقاية المحلية عبر مختلف أصحاب المصلحة، وتحديد الأولويات، وتصميم وتنفيذ مشاريع مصممة حسب السياق المحلي، ودعم تنفيذ الأولويات والسياسات الوطنية لمنع التطرف العنيف.
وتعد شراكتنا مثالًا واضحًا على مدى تأثير التعددية على حل التحديات الوطنية والمحلية، كما ينبع ذلك من حقيقة أن تهديدات التطرف العنيف لا تعرف حدودًا وليس لها شكل أو صورة واحدة، لذلك، من الأهمية بمكان أن نعزز تبادل الخبرات لدينا مع مراعاة خصوصيات سياقاتنا المختلفة.
بالتعاون مع وفد الاتحاد الأوروبي في لبنان، زار وفد لبناني دولة الدنمارك. وفي هذه الأثناء، عاد ممارسون من بلدية كوبنهاغن من زيارات دراسية إلى لبنان برؤى جديدة حول كيفية حشد ألقادة المحليين والمجتمع المدني في جهود الوقاية، وهو ما يشتهر به لبنان دوليًا. في ديسمبر الماضي، انضم خبراء من المركز الوطني الدنماركي لمنع التطرف إلى زملاء دوليين ولبنانيين في السراي الكبير لتبادل الخبرات حول وضع وتنفيذ سياسات وخطط عمل وطنية لمنع التطرف العنيف. وفي وقت سابق من هذا الشهر، استضاف بشكل مشترك المنسق الوطني لمنع التطرف العنيف وشبكة المدن القوية اجتماع طاولة مستديرة لرؤساء النقابات اللبنانية في البلديات لمناقشة دور رؤساء البلديات في منع التطرف العنيف، حيث أن البلديات هي أقرب ممثل للدولة بالنسبة للمجتمعات المحلية.
هكذا توجت عملية إشراك البلديات وأصحاب المصلحة المحليين الآخرين في أعمال الوقاية المحلية في الأسبوع الماضي بحلقة عمل استشارية وطنية في السراي الكبير حول التنمية الحضرية ومشاركة المجتمع المحلي، وهي حجر الأساس لخطة العمل الوطنية القادمة لمنع التطرف العنيف.
بينما نمضي قدمًا في ترجمة الإستراتيجية إلى فعل، ندعو جميع أعضاء المجتمعين اللبناني والدولي إلى الانضمام إلى جهودنا للحفاظ على لبنان متماسك ومزدهر.
روبينا أبو زينب هي المنسقة الوطنية لمنع التطرف العنيف في رئاسة مجلس الوزراء؛ وميريت جول هي سفيرة الدنمارك في لبنان، وخديجة ناصر هي مديرة البرنامج الإقليمي الأولى في شبكة المدن القوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
مقال نُشر في الأصل في ديلي ستار لبنان: منع التطرف العنيف: نموذج لبناني