شراكة شبكة SCN مع البرلمان العالمي لرؤساء البلديات (GPM)

اجتمع البرلمان العالمي لرؤساء البلديات (GPM)، هذا الأسبوع  في مدينة بريستول، لحضور مؤتمر القمة السنوي الثالث الخاص بها. وكان من الواضح تماماً أن التحديات العالمية والمحلية التي تواجهها المدن في جميع أنحاء العالم، من أزمة الإيبولا إلى التشرد الحضري والإرهاب، أعطت قيادة رؤساء البلدية أهمّية لم تشهدها في السابق. لكن هذا يتطلّب تركيزًا مزدوجًا من رؤساء البلديات لضمان إمكانية مساهمتهم في تطوير السياسة الدولية دون المساس بقدرتهم على إحداث تأثير إيجابي على المستوى المحلّي – إن الGPM وسيلة حاسمة لتحقيق هذا الهدف.

كان البرلمان العالمي لرؤساء البلديات من بنات أفكار الراحل بنجامين باربر، وهو أستاذ معروف بكتابي إذا حكم رؤساء البلديات العالم و الجهاد في مواجهة عالم ماك. وترتكز رؤية باربر على تلقّي المدن بصورة متواصلة مزيدًا من الاهتمام الذي يعد الترياق المحتمل للنمو القومي النامي. ويعد إنشاء منصّة وآلية يمكن للأعضاء من خلالهما التصويت على الأولويات العليا للمدن خلال العام المقبل، ووضع رؤية باربر موضع التنفيذ لإنشاء منتدى برلماني يمكن أن ينسجم ويوفّر تفويضاً لمجموعة واسعة من أجندات السياسة الحضرية، أمرين أساسين لتطبيق GPM.

جمعت القمة السنوية لـ GPM أكثر من 80 من رئيس بلدية وقادة لشبكات مدن من ست قارات مختلفة، من النرويج إلى أوغندا وأستراليا إلى باكستان، إلى جانب مجموعة واسعة من شبكات المدن، من رابطة المدن الأوروبية EC وC40 ، إلى ICLEI وشبكة المدن القوية (SCN). وكما هو مذكور في إعلان بريستول عام 2018، ستعمل SCN بالشراكة مع GPM لرفع مستوى الصوت العالمي للمدن حول أولويات السلامة والأمن في المناطق الحضرية اعترافًا بقدرة المنتدى الفريدة على تنظيم جداول أعمال السياسة المترابطة، رغم اختلافها.

كيف تقارن شبكة المدن القوية بشبكات المدن الأخرى؟

في إطار مؤتمر القمة، أجرى شركاء GPM في جامعة جورج تاون مراجعة لشبكات المدن الحالية. وشملت هذه المراجعة استعراض 99 شبكة من المدينة التي تعمل على المستوى العالمي مما يجعل منه سوقًا حاشدًا. ووفقاً لأبحاثهم، تشمل الموضوعات الأكثر شعبية لشبكات المدن العالمية البيئة والحوكمة كما شكلت المواضيع الأقل شعبية 8 ٪ من الشبكات كالهجرة والصحّة والتعليم مع مساحة واسعة من الأمن.

إذًا، أين يكمن دور شبكة المدن القوية في سوق حاشد كهذا؟

نحن نؤمن أن شبكة المدن القوية تمتلك بعض الميزات التي تجعلها تبرز أكثر من غيرها.

أولاً، بوجود عدد من شبكات المدن التي تركز على الأمن والمرونة، لا وجود لشبكات تركّز فقط على دعم المدن لمعالجة قضايا الكراهية والانقسام والتطرّف. وبالطبع، ترتبط الجهود الرامية إلى مواجهة هذه القضايا ارتباطًا وثيقًا بالمفاهيم الأوسع حول المرونة وعدم المساواة وتماسك المجتمع، لكن يتطلب تزايد الكراهية والانقسام والتطرّف مجموعة معينة من البيانات والمهارات والمعرفة من أجل التصدّي لهذا التحدي بشكل فعال. تعمل SCN على تزويد المدن بالأدوات والقدرات ذات الصلة، سواء أكانت تستخدم البيانات عبر الإنترنت لقياس ‘تضافر’ المجتمع أو لإطلاق ورش عمل تدريبية وإنتاجية للشباب من أجل إنشاء حملات في مجتمعهم عبر الإنترنت أو على أرض الواقع بالشراكة مع السلطات المحلية. وتجري حملة من هذا القبيل بين الشباب والبلدية في طرابلس بلبنان تحت عنوان “رصاصة طائشة تميّت الفرح”، تعالج الاستخدام غير الضروري للأسلحة أثناء حفلات الزفاف والاحتفالات بالنتائج المدرسية والانتخابات وغيرها من المناسبات.

ثانياً ، تتميز هذه الشبكة بأنها واحدة من شبكات المدن العالمية الوحيدة التي توفّر بناء القدرات والتدريب على الميدان. على سبيل المثال، تقوم اللجنة، منذ ثلاث سنوات، بإنشاء شبكات أصحاب المصلحة المتعددين من مهنيّين محليّين وتدريبهم في ثلاث بلديات في لبنان وثلاث بلديات في الأردن. وقد تمّ تصميم هذه الشبكات المجتمعية الوقائية على غرار الهياكل متعددة الوكالات التي تنسّق أعمال الوقاية من العنف في أوروبا، وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. كما قمنا بتدريب أكثر من 100 رئيس بلدية و 2000 ممارس محلّي في جميع أنحاء العالم على تصميم خطط العمل المحلية، وورش عمل تدريبية للشباب مما أدّى إلى قيام 8 حملات توعية بالمظالم المحلية الرئيسية التي تطال أكثر من نصف مليون شخص في مجتمعاتهم، عبر الإنترنت وخارجه.

لا يزال التنظيم  وتأثير السياسة العالميين أساسيين لمهمة المدن القوية. ومن الضروري تعزيز الإلتزام السياسي – على المستويات المحلية والوطنية والدولية – من أجل ضمان حصول الحكومات الوطنية الفرعية على الموارد والاهتمام الذي تستحقه. ولتحقيق ذلك، تعقد المدن القوية قمة عالمية حيث نجتمع مع رؤساء البلديات ونساعد في الاتفاق على مواقف سياسية بحيث يمكن لرؤساء البلدية إيصال أصواتهم عبر التحدّث سويًا. أحدث إعلان ملبورن الذي اعتمده رؤساء البلديات في تموز/ يوليو عام 2018 توازيًا لرؤساء البلديات وأولويات الشبكة لوضع حقوق الإنسان والحوكمة الجيدة ومكافحة جرائم الكراهية في مركز الإستجابة الجماعية ضد الإرهاب. تشارك شبكة المدن القوية، على غرار ثلث شبكات المدن الأخرى، بشكل كبير في صنع السياسات العالمية وتعمل مع هيئات صنع القرار الدولية الحاسمة، منها الأمم المتحدة والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، لضمان قيام الحكومات الوطنية ومتعددّة الأطراف بتشكيل سياساتها مع مراعاة وجهات نظر المسؤولين المحليين.

الدروس المستفادة الشاملة:

تصميم نماذج بأسعار معقولة للمدن بهدف التكيف معها وتنفيذها من قبل أعضائنا الذي تخطى عددهم 120 عضو. ما كان واضحًا في أجندة GPM، التي ركزّت على موضوعات الأمن والصحة والهجرة، هي الدروس القابلة للتطبيق عالميًا التي تتقاطع مع هذه الأولويّات الثلاث التي غالبًا ما تكون منعزلة. في حين تبقى العملية والنتائج على حالها رغم اختلاف مجال السياسة، تنطبق الدروس نفسها على كل موضوع مع توصيات واضحة للمدن من أجل:

  • ﺑﻧﺎء ﺑﻧﯾﺔ ﺗﺣﺗﯾﺔ ﻣﺣﻟﯾﺔ ﻣﺗﻌددة اﻟوﮐﺎﻻت ﻟﺿﻣﺎن ﺗﻧﺳﯾق وﺗﮐﺎﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت واﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت
  • توطيد تعاون متين مع رؤساء بلديات ومدن أخرى لديها تحديات مماثلة
  • ترجمة سياقها المحلي ومعرفتها وتوصياتها إلى أطر السياسات الوطنية والدولية
  • النظر في الخبرات والتعاون الذي يمكن استخلاصه من التعامل مع القطاع الخاص والمدني والعام. خصوصًا، استكشاف دور المؤسسات الاجتماعية التي تسخّر فكرة “تحقيق الأرباح للأفراد” باعتبارها اتّجاهًا مهمًا وغير مستغلّ نسبيًا
  • سياسات أساسية بشأن الأدلة والبيانات السليمة التي تطوّر شراكات تبادل المعلومات
  • احتضان ونشر الأدوات الرقمية لجمع بيانات المواطنين وتعزيز المشاركة المدنية
  • غرس ثقافة مسؤولية المواطن – يمكن لسياسات إعفاء وكالة المدن أن تكون غير بديهية
  • ضمان وجود الإندماج الإجتماعي في قلب جميع سياسات الصحة والهجرة والأمن

لا تشكّل هذه الدروس مفاجئة وهذا جزء من المشكلة: كيف يمكننا ضمان استمرارية الزخم السياسي بهدف التطوير وتعمق معارفنا؟ لا سيما بالنظر إلى ميل مشاركة البلديات بالمواصلة عبر هيكلية القمم والمؤتمرات. كما أشار ريس،  رئيس بلدية بريستول، مضيف GPM لهذه السنة، أنّ من واجب الشبكات خدمة المدينة وليس العكس.

هل يغيّر الGPM من قواعد اللعبة؟ 

يمكن أن تؤثّر شبكات المدن العالمية بشكل كبير من خلال توحيد القوى، كما يمكن للبرلمان العالمي لرؤساء البلديات تغيير قواعد اللعبة. أوضح السيد روبرت موغاه من معهد Igarapé هذا الأسبوع في بريستول ، أن قوة الGPM تكمن في قدرته على جمع ارآء ووجهات نظر رؤساء البلديات – على نطاق عالمي – في مسائل السياسة الرئيسية في ذلك اليوم. عليه، يمكن للبرلمان العالمي لرؤساء البلديات أن يعكس اسمه: مجموعة من المدن المتنوعة، ذات وجهات نظر متنوعة، تصوّت على قضايا سياسية أساسية – ومن خلال الأصوات الجماعية – تسعى إلى التأثير على السياسة على المسرح الدولي.

وكما أن للبرلمانات لجان حول القضايا الرئيسية، يمكن لشبكات المدن الأخرى التي تعمل على مواضيع مختلفة أن تعمل كلجان برلمانية وتغذّي وجهات نظرها العميقة في المجموعة الأوسع نطاقًا ألا وهي الGPM.

في إطار هذا النهج، ستتمكّن المدن القوية من تقديم اقتراحات سياسية عملية حول قضايا التوعية ومعالجة جرائم الكراهية وتطوير شبكات أصحاب المصلحة المتعدّدين التصاعدية وكذلك عمليات تبادل المعلومات والتوازن بين الأمن والإدماج. ومن شأن تبني الفرصة لبناء توافق في الآراء في مجال السياسات بالشراكة مع منتديات مثل البرلمان العالمي لرؤساء البلديات أن يسمح للمدن القوية بالقيام بما نقوم به على أفضل وجه، مما يؤثّر محليًا على أرض الواقع.

نتطلع إلى إطلاعكم المتواصل على كيفية استمرار الشراكة بين الGPM وSCN في التحديثات الإخبارية المستقبلية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *