
في أيلول/سبتمبر، برزت “المجتمعات في إطار الشراكات” COMPACT في عرض لشبكة المدن القوية خلال منتدى مكافحة الإرهاب العالمي (GCTF).
كثيرًا ما يُنظر إلى حملة مكافحة التطرّف العنيف على أنّها قوة قاسية لمكافحة الإرهاب. بهذه الطريقة قد تؤدي إلى تنفير وعزل المجتمعات نفسها التي تسعى إلى حمايتها، ممّا يهدّد بتقويض هدفها.
ومن هذا المنظور، تصبح المجتمعات – التي تُعتبر “في خطر” أو “عرضة لـ” التطرّف – إتجاهات إحصائية تشوّه سمعة شرائح واسعة من المجتمع بالطريقة نفسها. والأسوأ من ذلك أن هذا الأسلوب البارد يولّد انعدام الثقة والشك داخل هذه المجتمعات التي إذا شعرت بأن مبادرة مكافحة التطرف العنيف لا تثق بها فلن تثق هي بهذه المبادرة.
يعود جزء من المشكلة إلى مقاييسنا حول التطرّف. في حين أنّه يَسهل نسبيًا قياس التدابير النوعية الحيوية من الناحية الكمية، مثلاً من خلال خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت أو جرائم الكراهية على أرض الواقع، تُشكّل هذه التدابير، المتمثّلة بالتماسك الاجتماعي والتعاون والثقة والانسجام تحدّيًا أكبر لذا ستُهمَل. مع ذلك، ينبغي قياس مكافحة التطرّف العنيف عبر هذه التدابير، وتحديدًا ينبغي أن تبدأ مكافحة التطرّف العنيف في المجتمعات المحلية التي تؤدّي دورًا أساسيًا في المجتمع وتنتهي فيها.
في نيوساوث ويلز تتطلّع مبادرة مكافحة التطرف العنيف إلى تطبيق هذه الطريقة. تُعتبر مبادرة “المجتمعات في إطار الشراكات” COMPACT جهدًا موحّدًا لإبعاد مبادرة مكافحة التطرّف العنيف عن مكافحة الإرهاب التقليدية وتحويلها إلى التماسك الاجتماعي. وإن COMPACT هي من تصميم المجتمعات في جوهرها وهي مبادرة متعدّدة الثقافات في نيوساوث ويلز. وبدلاً من أن يتمّ تحفيزها وتمويلها من الأمن القومي أو أولويات مكافحة الإرهاب التقليدية، تتشكّل COMPACT من نهج مكافحة التطرّف العنيف مؤلّف من المجتمع بأكمله أي 60 منظمّة مجتمعية شعبية ومنظمّات المجتمع المدني وشركاء من القطاع الخاص ومدارس وجامعات ووكالات حكومية والشرطة جميعها تعمل معاً لحماية التماسك الاجتماعي وتعزيزه في مواجهة التطرف. وفي حديث على هامش الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامّة للأمم المتحدة، قال مالكولم هادون وهو كبير مديري صمود المجتمع من أجل ثقافات متعددة في نيوساوث ويلز إن هذه المبادرة هي ‘إعادة صياغة مكافحة التطرّف العنيف.’
منذ إطلاق COMPACT في عامّ 2016، عملت مع 20000 شاب ‘لتهيئة جيل جديد من قادة المجتمع والمفكّرين النقديين وأبطال الانسجام المجتمعي.’ بالإضافة إلى تنفيذها لمجموعة من مشاريع مموّلة حول مشاركة الشباب. ينفّذ تحالف COMPACT المؤلّف من أكثر من 30 شريكًا برنامجًا للأنشطة المشتركة هادفاً إلى تعزيزه كي يصبح شبكة استجابة وإلى دعم تطوير شبكة ممارسي مكافحة التطرّف العنيف.
أنشأت COMPACT مبادرة مكافحة التطرّف العنيف القادرة على الحشد والتكيّف والتطوّر للتصدّي للأخطار أو أعمال التطرّف العنيف بسرعة أكبر وبشكل طبيعي أكثر ممّا تسمح به المقاربات الأكثر صرامة والتنازلية، وذلك من خلال العمل مع المجتمعات المحلية وعن طريقها على أرض الواقع.
بهذه الطريقة، لن يتمّ تهميش المجتمعات واعتبارها مجرّد مقاييس لإنجاح مكافحة التطرّف العنيف بل ستكون جوهرية لتحقيق النجاح. على هذا النحو، يمكن للمجتمعات التي تُبنى بنجاح على أسس عمل مكافحة التطرّف العنيف أن تعمل ككيانات قادرة بذاتها على المواجهة وكقوّة موازنة صالحة أمام روح الانقسام والأعمال المتطرّفة.
نستمرّ في متابعة تقدّم COMPACT باهتمام بالغ، ونتطلّع إلى إطّلاع أعضائنا على إنجازاتهم.